كتب: محمود الشوادفي
في مشهدٍ يعيد للأذهان عصور الهيمنة البافارية الخالدة، واصل بايرن ميونخ بقيادة مدربه البلجيكي فينسنت كومباني كتابة فصول المجد، بعد انتصار جديد على باريس سان جيرمان حامل لقب دوري أبطال أوروبا ووصيف النسخة الماضية من كأس العالم للأندية 2025، ليؤكد أن مشروعه الجديد ليس مجرد بداية واعدة، بل ملحمة أوروبية متكاملة تُعيد رسم ملامح القوة الألمانية في القارة العجوز.
كومباني يشعل ثورة بافارية لا تُقهر
نجح بايرن في الثأر من هزيمته السابقة أمام باريس سان جيرمان في ربع نهائي مونديال الأندية، بعدما تغلب عليه بنتيجة 2-1 في معقله “حديقة الأمراء”، ليحقق إنجازًا غير مسبوق كأول فريق أوروبي ينتصر على النادي الباريسي في ثلاث مباريات متتالية على أرضه، وخمسة انتصارات متتالية في الإجمالي، لم تهتز خلالها شباكه سوى مرة واحدة فقط.
لم يكن ذلك الانتصار وليد الصدفة، بل ثمرة عملٍ تكتيكي دقيق من كومباني، الذي جعل من بايرن ماكينة لا تهدأ، تُسقط كل خصم مهما كان حجمه.
منذ توليه القيادة الفنية في صيف 2024، أعاد فينسنت كومباني روح البايرن المفقودة، فالفريق لم يكتفِ بالفوز، بل فرض هيمنته المطلقة على كل المسابقات؛ حقق بايرن 16 انتصارًا متتاليًا منذ بداية الموسم، ليصبح أول نادٍ في تاريخ الدوريات الخمسة الكبرى يصل إلى هذا الرقم القياسي، في سلسلة أرقامٍ تُرسخ أن المشروع الذي يقوده كومباني يسير بثقة نحو صناعة حقبة جديدة من الهيمنة البافارية.
بايرن ميونخ يُسقط بطل الكأس
بدأ البايرن الموسم بانتصار ثمين على شتوتجارت، حامل لقب كأس ألمانيا الموسم الماضي، بهدفين لهدف وحيد، في بطولة كأس السوبر الألماني (كأس فرانس بيكنباور)، ثم بدأ البوندسليجا بنتيجة تاريخية أمام لايبزيج، وصيفه حتى الآن، بستة أهداف دون رد.
انتصار عريض على بطل العالم
ثم جاء الدور على تشيلسي، حامل لقب كأس العالم للأندية 2025، حيث جمعتهم مواجهة قوية على أرضية ملعب “أليانز أرينا” في مستهل مشوار الفريقين في دوري الأبطال للموسم الجديد، ونجح الفريق البافاري في اكتساح بطل العالم بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد، بينها ثنائية من المهاجم الإنجليزي هاري كين، هداف البندسليجا ومتصدر هدافي دوري الأبطال مناصفةً مع كيليان مبابي حتى الآن.
البايرن يقهر باريس ويرسخ العقدة البافارية
وواصل عروضه القوية وانتصاراته المتتالية في جميع المسابقات، بين البوندسليجا وكأس ألمانيا ودوري الأبطال، حتى جاء الدور على باريس سان جيرمان، حامل لقب النسخة الماضية من ذات الأذنين؛ وبالرغم من أن الفريق الباريسي كان يمتلك أقوى خط هجوم في المسابقة خلال الموسم الجاري، ويمتلك سلسلة انتصارات متتالية بلغت ست مباريات، عادل بها أطول سلسلة في تاريخ النادي بالمسابقة الأوروبية، والتي امتدت من سبتمبر وحتى ديسمبر من عام 1994؛ فإن البايرن منعه من كسر الرقم التاريخي للنادي، ورسّخ عقدة جديدة عنوانها: «المستحيل ليس ألمانيًا».
ودخل بايرن ميونخ المباراة بقوة، حيث سجل لويس دياز الهدف الأول بعد ثلاث دقائق واثنتين وعشرين ثانية فقط، وهو أسرع هدف يسكن شباك الـ«بي إس جي» في البطولات الأوروبية منذ هدف روميلو لوكاكو مع مانشستر يونايتد في مارس من عام 2019، والذي جاء بعد دقيقتين فقط.
وبعد نجاح الكولومبي في تسجيل الهدف الثاني في الدقيقة الثانية والثلاثين، وهيمنته على الشوط الأول بالكامل دون خطورة على مرمى مانويل نوير، إلا أن صاحب الـ28 عامًا خرج بالبطاقة الحمراء بعد تدخل على المغربي أشرف حكيمي، ليدخل تاريخ دوري أبطال أوروبا كأول لاعب يسجل ثنائية ويُطرد في الشوط الأول من مباراة في تاريخ المسابقة القارية. وهو ما تسبب في دخول الفريق الباريسي إلى اللقاء في الشوط الثاني بقوة، مستغلًا النقص العددي، وسجل هدفًا عن طريق جواو نيفيز في الدقيقة الرابعة والسبعين، وكان قاب قوسين أو أدنى من تسجيل هدف التعادل وربما الانتصار في الدقائق الأخيرة، ولكن الجدار الألماني مانويل نوير كان حاضرًا بقوة، وحصل لاحقًا على جائزة رجل المباراة.
وفي ظل تربع البايرن على رأس الأندية التي حققت انتصارات متتالية منذ بداية الموسم، والبالغ عددها 16، سيلتقي في الجولة القادمة من دوري أبطال أوروبا خارج أرضه أمام آرسنال، الذي حقق هو الآخر أربعة انتصارات من أصل أربع هذا الموسم في دوري الأبطال، ولم يستقبل أي هدف حتى الآن، ويمتلك أقوى خط دفاع في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد مرور عشر جولات، حيث لم يستقبل سوى ثلاثة أهداف فقط.
كما أنه سيلعب مبارياته الثلاث التالية لموقعة آرسنال أمام ثلاثة أندية حاملة لألقاب الدوريات المحلية، وهي سبورتنج لشبونة البرتغالي، ويونيون سانت جيلواز البلجيكي، وبي إس في آيندهوفن الهولندي، على الترتيب.
برأيك، هل ينجح البايرن في تحقيق الفوز أمام جميع حاملي الألقاب الذين سيواجههم هذا الموسم؟
