ظاهرة العصر الحديث.. هل لامين يامال هو أفضل لاعب في التاريخ في سنه؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


في عالم كرة القدم، هناك لحظات نادرة تمثل بداية جديدة، فصولًا جديدة من الأساطير التي ستظل تُروى على مر الأجيال، واحدة من هذه اللحظات كانت عندما دخل لامين يامال عالم الاحتراف في سن الـ15، ليبدأ مسيرة يملؤها التميز والتفرد، حتى أصبح في سن الـ18 من أبرز نجوم كرة القدم على مستوى العالم، بات يامال معجزة حية تضع العالم أمام تحدي فهم سرعة نضجه، وتميزه، وإنجازاته التي تتجاوز كل التوقعات.

أصبح لامين يامال حديث الساعة، وكل ساعة، بعدما واصل ظهوره المميز مع برشلونة هذا الموسم، ليضع نفسه واحدًا من أعظم لاعبي كرة القدم على الإطلاق في عمره، الشاب الذي أكمل 18 عامًا في يوليو الماضي، بات واحدًا من أكثر اللاعبين مشاركة في المباريات وتسجيلًا للأهداف سواء على مستوى النادي أو المنتخب، في تاريخ كرة القدم.. فهل يعتبر يامال الأعظم في سن الثامنة عشر؟

هل يمكن مقارنة لامين يامال مع ميسي ورونالدو؟

بعد ظهوره الأول مع الفريق الأول لبرشلونة في سن 15 عامًا و9 أشهر و16 يومًا، أظهر لامين يامال تطورًا ملحوظًا وتقدمًا مستمرًا، عندما أكمل الـ18، لعب يامال بالفعل 127 مباراة مع ناديه ومنتخب بلاده، حيث سجل مساهمات هائلة بلغت 74 هدفًا وتمريرة حاسمة خلال تلك الفترة، ولا يزال مستمرًا هذا الموسم في التسجيل والصناعة كذلك.

هل يُمكن مقارنة لامين يامال بأساطير كرة القدم في نفس العمر؟ الحقيقة أن الإجابة لا تتطلب الكثير من الجهد، فحتى بين عمالقة مثل ميسي ورونالدو، نجد أن يامال يتفوق عليهم من حيث الأرقام في سن الـ18.

ظهر ميسي لأول مرة مع برشلونة في المباريات الرسمية في أكتوبر 2004 بعمر 17 عامًا، أي أكبر قليلًا من عمر يامال عند ظهوره الأول.

بلغ ميسي الثامنة عشر في يونيو 2005، وبحلول ذلك الوقت كان قد فاز بلقب الدوري الإسباني مع برشلونة، لكنه خاض فقط 9 مباريات وسجل هدفًا واحدًا للنادي.

ليونيل ميسي – برشلونة (المصدر:Gettyimages)

كما اضطر للانتظار بعد بلوغه 18 عامًا حتى ظهوره الأول مع المنتخب الأرجنتيني، والذي جاء ضد المجر في أغسطس 2005.

أما كريستيانو رونالدو، فقد ظهر لأول مرة مع سبورتينج لشبونة بعمر 17 عامًا في أغسطس 2002، وبحلول بلوغه 18 عامًا في 5 فبراير 2003، سجل 5 أهداف في 19 مباراة مع النادي البرتغالي.

ومع المنتخب البرتغالي، اضطر رونالدو أيضًا للانتظار حتى بلغ 18 عامًا لظهوره الدولي الأول، الذي جاء في أغسطس 2003 ضد كازاخستان.

كريستيانو رونالدو - سبورتينج لشبونة - المصدر (Getty images)
كريستيانو رونالدو – سبورتينج لشبونة – المصدر (Getty images)

بالطبع، ميسي ورونالدو قد سجلا مسيرة مذهلة وأصبحا من أعظم لاعبي كرة القدم على الإطلاق، محققين معًا 13 جائزة للكرة الذهبية.

أما لامين يامال فلا يزال أمامه طريق طويل ليقترب من إنجازاتهما، لكنه، حتى الآن، حقق أكثر من ميسي ورونالدو عندما كانا في نفس العمر، مما يجعله ظاهرة استثنائية في عالم كرة القدم.

إذا كانت الأرقام تثبت فقط جزءًا من قصة يامال، فإن موهبته الفنية تروي الفصل الأكثر إثارة، عندما يشاهد أي مشجع كرة قدم يامال على أرض الملعب، يلاحظ حركاته الرشيقة، رؤيته الثاقبة، وقدرته على خلق الفرص من لا شيء.

بل مساهمته على مستوى اللعب وتنفيذ أفكار المدرب، على سبيل المثال، يعتبر حلًا فرديًا أمام المدرب هانز فليك للخروج بالكرة والحفاظ عليها تحت الضغط، بل والمرور أمام أي خصم لخلق خطورة دائمة، وحجز مكانه أساسيًا في النادي والمنتخب دون منافسة، وكل ذلك كان قبل حتى بلوغه سن الثامنة عشر.

الظاهرة رونالدو X لامين يمال.. من يتفوق؟

بالنظر للأرقام وعدد الأهداف والمساهمات التهديفية، أحد الأسماء التي تفوقت على لامين يامال في هذا العمر هو رونالدو دا ليما، والذي لقب بالظاهرة، حيث سجل 44 هدفًا في 47 مباراة مع كروزيرو، قبل أن يتم عامه الثامن عشر؛ ولكن لم يصل أي لاعب في المستوى العالي إلى عدد المباريات الرسمية التي خاضها لامين يامال مع برشلونة أو المنتخب في هذا السن.

بل واصل رونالدو تلك الأرقام بعدما حقق مع منتخب البرازيل كأس العالم 1994، ولكنه لم يشارك في أي مباراة؛ ثم انتقل إلى بي إس في أيندهوفن، حيث توج بلقب جائزة هداف الدوري الهولندي في أول مواسمه بتسجيل 30 هدفًا، ولم يكن قد أكمل عامه التاسع عشر بعد.

ولكن يتفوق يامال على المستوى الدولي، بعدما شارك حتى الآن في 23 مباراة بإجمالي 1.651 دقيقة، واستطاع تسجيل 6 أهداف، وتقديم 12 تمريرة حاسمة، وتوج مع المنتخب الإسباني بلقب كأس الأمم الأوروبية “يورو 2024″، ولم يكن قد أكمل عامه السابع عشر.

لامين يامال ووالدته - المصدر: gettyimages
لامين يامال ووالدته – المصدر: gettyimages

بيليه.. تعريف أفضل لاعب شاب على الإطلاق

قبل عصر ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، كان هناك نجم واحد يهيمن على كرة القدم ويأسر المشاهدين بعروضه المذهلة، إنه الأسطورة البرازيلية بيليه.

دخل بيليه الفريق الأول لسانتوس في سن 16 عامًا في عام 1957، وسجل 41 هدفًا في 38 مباراة، وفي موسم 1958، تجاوز بيليه كل تعريفات “العالمية”، حيث سجل 66 هدفًا في 46 مباراة رسمية، بما في ذلك 11 ثلاثية، في ست مباريات سجل أربع أهداف في كل مرة، ومباراة واحدة سجل فيها خمسة أهداف.

كانت نسبة أهدافه 1.43 هدف لكل مباراة، مقارنةً بأفضل موسم تهديفي لميسي 2011/12 الذي سجل 73 هدفًا في 60 مباراة (1.22 هدف لكل مباراة).

لعب بيليه دورًا حاسمًا في فوز سانتوس بلقبالدوري في 1958، حيث أنهى الموسم كأفضل هداف للدوري بـ58 هدفًا في 38 مباراة، وهو أول لقب من عشرة ألقاب في الدوري.

كما سجل 9 أهداف في ست مباريات ضد أبرز فرق الدوري الأخرى (كورينثيانز، ساو باولو، بالمييراس)، و8 أهداف في 8 مباريات في بطولة تورنيو ريو-ساو باولو.

وظهر بيليه لأول مرة مع منتخب البرازيل في 1957، بعمر 16 عامًا و9 أشهر، ضد الأرجنتين، مسجلًا هدفه الأول ليصبح أصغر لاعب وهداف في تاريخ المنتخب.

قبل كأس العالم 1958، شارك بيليه في ثلاث مباريات ودية دولية، وسجل هدفًا ضد باراغواي وهدفين ضد بلغاريا.

عندما بدأت البطولة في السويد، جلس بيليه على مقاعد البدلاء في أول مباراتين، وفي آخر مباراة بالمجموعة ضد الاتحاد السوفيتي، أتيحت له فرصة اللعب كأساسي، وقدم تمريرة حاسمة لشريكه فافا، رغم عدم تسجيله هدفًا؛ أصبح أصغر لاعب يشارك في كأس العالم بعمر 17 عامًا و234 يومًا.

في ربع النهائي ضد ويلز، سجل بيليه هدفه الأول في كأس العالم، الهدف الوحيد في الفوز 1-0، ليقود البرازيل إلى نصف النهائي، ولتصبح هذه المباراة بمثابة رقم قياسي لم يُكسر بعد كأصغر لاعب يسجل في مباراة بكأس العالم بعمر 17 عامًا و239 يومًا.

في نصف النهائي ضد فرنسا، أبدع بيليه مرة أخرى وسجل ثلاثية في الفوز 5-2، ليصبح ثالث لاعب يسجل ثلاثية في نصف نهائي كأس العالم، ولم يتمكن أي لاعب آخر من تكرار هذا الإنجاز. وفي النهائي ضد السويد، سجل هدفين في الفوز 5-2، ليصبح أصغر لاعب يسجل في نهائي كأس العالم بعمر 17 عامًا و249 يومًا.

كان موسم بيليه الاستثنائي بعمر 17 عامًا بلا مثيل، حيث سجل 89 هدفًا في 68 مباراة لسانتوس والبرازيل، محققًا لقبين، أهمهما كأس العالم.

وبحلول بلوغه 18 عامًا، كان قد سجل 95 هدفًا في 80 مباراة رسمية، ومع المباريات الودية بلغ الرقم 127 هدفًا في 126 مباراة.

لامين يمال ظاهرة العصر الحديث

حقق لامين يامال عديد الأرقام القياسية التي جعلته ظاهرة عصره بكل تأكيد، وعلى رأسها: أصغر لاعب يتم ترشيحه لجائزة الكرة الذهبية، حيث كان عمره 17 عامًا في سبتمبر 2024.

وكان مبابي يحمل الرقم القياسي لأصغر لاعب يتم ترشيحه لجائزة الكرة الذهبية في عام 2017، بل وحل في المركز السابع آنذاك، قبل أن يقدم مستوى خرافي في 2018 والتتويج بكأس العالم رفقة منتخب فرنسا، ولكن حل رابعًا في ترتيب الكرة الذهبية.

ثم جاء لامين يامال ليحطم هذا الرقم، ويحصل على المركز الثامن في التصويت العام لجائزة 2024، كما فاز بجائزة كوبا كأفضل لاعب في العالم تحت سن الـ21 وقتها.

وفي حفل 2025، بات لامين يامال أصغر لاعب على الإطلاق يتواجد ضمن أول 3 مرشحين لجائزة الكرة الذهبية، وكان قد أكمل عامه الثامن عشر بأقل من 3 أشهر.

لامين يامال - المصدر: gettyimages
لامين يامال – المصدر: gettyimages

وتواجد لامين يامال في المركز الثاني خلف عثمان ديمبيلي، كما حصل على جائزة كوبا لأفضل لاعب في العالم تحت سن الـ21 للمرة الثانية على التوالي.

كما حطم رقم كيليان مبابي التاريخ كأصغر لاعب يسجل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بعدما كان مبابي يحمل الرقم القياسي بعدما سجل في عام 2017 عن عمر 18 عامًا و140 يومًا، حيث سجل لامين يمال هدفًا ضد إنتر ميلان الموسم الماضي، وكان عمره 17 عامًا و291 يومًا، وللمصادفة كان في مباراته رقم 100 مع برشلونة في جميع المسابقات.

في ظل حديثنا عن المباراة رقم 100 لـ لامين يمال، كيف كانت مساهماته مقارنة بأبرز النجوم خلال أول 100 مباراة في مسيرتهم؟ وكم كان عمرهم حينها؟

اللاعب العمر عند المباراة رقم 100 المباريات الأهداف التمريرات الحاسمة دقائق اللعب الألقاب مع النادي الألقاب مع المنتخب
لامين يامال 17 سنة و292 يومًا(30 أبريل 2025) 100 22 27 6,859 3 يورو 2024
ليونيل ميسي 20 سنة و248 يومًا(27 فبراير 2008) 100 41 14 6,747 5 0
كريستيانو رونالدو 19 سنة و348 يومًا(19 يناير 2005) 100 20 13 5,785 2 0
نيمار 18 سنة و251 يومًا(17 أكتوبر 2010) 100 48 27 6,944 2 0
كيليان مبابي 19 سنة و119 يومًا(18 أبريل 2018) 100 48 29 6,410 3 0
إيرلينج هالاند 19 سنة و212 يومًا(18 فبراير 2020) 100 60 15 5,948 2 0

وبدأ يامال الموسم الجديد 2025-2026 بقوة، بالرغم من تعرضه لأكثر من إصابة، إلا أنه واصل المسيرة بنجاح، حيث شارك في 11 مباراة بقميص برشلونة حتى الآن، ونجح في تسجيل 6 أهداف، كما قدم 6 تمريرات حاسمة.

إذا نظرنا للجوائز الفردية، وعدد المباريات ودقائق اللعب، والتسجيل والمساهمة، لم يتفوق أي لاعب على يامال في هذا السن أحد سوى الأسطورة بيليه.

في النهاية، لامين يامال يمثل عصرًا جديدًا في كرة القدم، عصرًا تُكتب فيه الأساطير مبكرًا، وتُختبر العظمة منذ البداية، بالنسبة لعشاق اللعبة، هو ليس فقط نجمًا صاعدًا، بل وعدٌ بمستقبل كرة قدم يليق باسم الأساطير.





‫0 تعليق

اترك تعليقاً