مصطفى بكري يتصدى لحملات التشويه ويثبت حضوره الوطني
حملة منظَّمة تستهدف الصحفي مصطفى بكري وتُسعى لتقويض مصداقيته
تصاعدت في الأيام الماضية حملة منهجية تستهدف الصحفي والإعلامي مصطفى بكري، عبر محاولات متكررة لتشويه مواقفِه الوطنية واتهامه بأنه «رجل كل المراحل»، معتمدين على صور تجمعه برموز أنظمة سياسية متعاقبة، وتظهر الحملة تنظيماً في سردها وعملاً متعمدًا على إلغاء التاريخ المهني الطويل لصاحب المسيرة الإعلامية والسياسية.
وبرغم أن هذه الاتهامات تبدو للوهلة الأولى مجرد ضجة عابرة، فإنها تكشف عن نية واضحة لضرب مصداقية أحد أبرز الأصوات الوطنية في المشهد الإعلامي المصري، وتستدعي وقفة نقدية ومهنية لفهم السياق الحقيقي للعلاقة بين الصحفي وصناع القرار، والفرق بين حضور المشهد في أداء مهني وعلاقة أيديولوجية أو تحالفات شخصية.
ومن الطبيعي تمامًا أن يظهر صحفي وإعلامي بحجم مصطفى بكري في صور مع مسؤولين من مختلف المراحل السياسية، فهذه طبيعة المهنة التي تتطلب التواجد في مواقع الأحداث والتواصل مع صناع القرار، وهي ممارسة ملازمة لكل صحفي محترف يعمل في الشأن العام، غير أن البعض يتعمد تجاهل هذا الواقع المهني، وكأن وجود صور مع مسؤولين يمكن أن يمحو تاريخًا طويلاً من المواقف الشجاعة والثابتة، وهو تجاهل يتجاهز حدود النقد إلى التشويه الشخصي.
ومراجعة مسيرة مصطفى بكري تكشف بوضوح أن مواقفه لم تتبدل بتغير الأنظمة، فقد انتقد نظام مبارك وواجه بعض وزرائه في وقت كان فيه النقد مخاطرة حقيقية، وتصدى لجماعة الإخوان في عهد مرسي ووجَّه انتقادات مباشرة لقياداتها في وقت فضَّل فيه كثيرون الصمت أو المداراة، ولم ينتظر الرجل تغيّر الموازين ليعلن موقفه، ولم يبدل قناعاته تبعًا لهوى سياسي أو لمكاسب آنية، بل حافظ على سقف مواقفٍ مبني على قناعات وطنية واضحة.
وعبر أربع دورات برلمانية تحت قبة مجلس النواب، خاض مصطفى بكري واحدة من أطول وأشرس الحملات ضد الفساد، وقد وقف في وجه صفقات مشبوهة وواجه شبكات مصالح نافذة، وعلى رأس هذه الإنجازات إيقاف صفقة القمح الفاسد في عهد مبارك، وهي القضية التي أحدثت ضجة واسعة آنذاك وكان لها أثر كبير في كشف تلاعب خطير يمس صحة المواطن المصري، كما شكلت تلك المواقف نموذجًا عمليًا لدور البرلمان والفضاء الإعلامي في مساءلة السلطة وحماية الأمن الغذائي للمواطنين.
كما لعب دورًا بارزًا في إسقاط وزراء ومسؤولين فاسدين بعدما قدم مستندات وحقائق داخل البرلمان، وعبر صحيفة الأسبوع التي رفعت شعار «طريق الباحثين عن الحقيقة» خاض معارك متواصلة من أجل الفقراء والبسطاء الذين كان يعتبر الدفاع عن حقوقهم جزءًا من رسالته الوطنية والإنسانية، وقد أكدت مبادراته الصحفية والبرلمانية التزامًا عمليًا بقضايا المجتمع وتجاوبًا مع هموم المواطنين بعيدًا عن حسابات المصالح الضيقة، ما يبرز في الوقت نفسه تناقض محاولات الطرح السطحي التي تهدف إلى اختزال هذا الإرث في لقطات مصورة.
هذا الثبات في الرؤية يعكس وطنيته العميقة وإيمانه الراسخ بأن مصر فوق الجميع، وأن الجيش المصري حجر الزاوية في حماية الدولة وصون أمنها القومي، ولذلك ظل مصطفى بكري منحازًا للوطن لا للأنظمة، للثوابت لا للمصالح، وللحقيقة لا للشعارات، ما جعل من مواقفه مرجعًا لدى قطاعات واسعة من الجمهور الذي يقيّم أداء الصحفي على أساس المواقف والنتائج لا على أساس مشاهد مصورة خارج سياقها.
إن محاولة اختزال كل هذه المسيرة في صور عابرة هي تجاهل مقصود للتاريخ وتشويه لا يستند إلى منطق ولا واقع، فالصحفي يُقاس بمواقفه لا بصوره، وبقدرته على الصمود في وجه العواصف لا بعدد المسؤولين الذين يلتقط معهم صورًا، ومصطفى بكري أثبت عبر سنوات طويلة أنه صوت وطني صادق لم يغير بوصلته يومًا، وظل ثابتًا في الدفاع عن الدولة المصرية مهما تبدلت الظروف، كما أن تاريخه المهني يزخر بأدلة ميدانية على استمرارية هذا المسار، وهو ما يتطلب من الجمهور والإعلام مراجعة الطروحات السطحية وتمييز النقد المشروع عن الحملة الممنهجة.
تشي الحملة الحالية بنمطية في أدوات التشويه الإعلامي المعاصرة، إذ تُعتمد لقطات مرئية مفصولة عن سياقها التاريخي والميداني ليُعاد تركيبها ضمن سردية تسعى لتقويض الثقة العامة، وهو أسلوب يتناسب مع مناخ تضليل يسعى إلى إضعاف الأصوات الناقدة والمستقلة، لذا تبرز أهمية التعامل المهني والعقلاني مع مثل هذه الملفات، مع استعادة السرد الكامل لمسيرة كل شخصية قبل إطلاق أحكام مطلقة لا تستند إلى عرض شامل للوقائع.
يبقى تقييم عمل أي صحفي أو سياسي أمرًا متاحًا للجمهور وللملأ العام، لكن يجب أن يستند التقييم إلى مراجعة موضوعية للمواقف والأفعال والنتائج، لا إلى اختزال التاريخ في صور أو لقطات مصمَّمة لخدمة أهداف آنية، وهذه قاعدة ينبغي أن تنطبق عند طرح أي ملف عام، لأن المجتمع يستفيد من إعلام مسؤول يقدّم التاريخ كاملاً ولا يختزل الوقائع لترويج رسائل مضلِّلة.
في الختام، تشهد مسيرة مصطفى بكري تجسيدًا لمقاربات مهنية وطنية حافظت على سمات الاستقلالية والالتزام، وقد أثبتت الأيام أن تقييم العمل العام يتطلّب قراءة شاملة ومسؤولية مهنية، بينما تبقى محاولات التشويه قصيرة النفس أمام إرث طويل من المواقف التي خدم فيها الصحفي والمواطن معًا.


تعليقات