قادة أفريقيا في قمة العشرين يحذرون: ارتفاع تكاليف خدمة الدين يعرقل تنمية القارة
انطلاق أعمال قمة مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا
أكد قادة إفريقيا الحاجة الملحّة إلى اتخاذ إجراءات منسقة لمعالجة العبء المباشر لتكاليف خدمة الديون المرتفعة ومعالجة الأسباب الكامنة وراء أزمات الديون المتكررة في القارة، وقد تبلورت هذه المخاوف خلال لقاء عمل جمع رؤساء الدول والحكومات الأفريقية وممثلي الاتحاد الأفريقي والمنظمات الإقليمية على هامش قمة قادة مجموعة العشرين لعام 2025، حيث استضاف رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا عشاء عمل في مدينة جوهانسبرج ليل أمس مما أتاح مساحة للحوار المباشر وتبادل وجهات النظر بشأن سبل التخفيف والإصلاح.
وأعرب القادة عن قلقهم إزاء ارتفاع تكلفة رأس المال وتأثيرها الحاد على مسارات التنمية الوطنية، كما أبدوا دعماً قوياً لإعلان وزراء مجموعة العشرين بشأن القدرة على تحمل الديون، وهو إعلان يشير إلى استعداد مجموعة الدول الكبرى لبذل جهود إضافية لمعالجة مستويات الديون غير المستدامة بجانب التحديات المتصاعدة لتكلفة التمويل، وقد جاء هذا التأييد كإشارة واضحة إلى ضرورة تدخل متعدد الأطراف يوازن بين متطلبات الاستقرار المالي وحماية الخدمات الأساسية للشعوب.
وتبلور اتفاق واسع النطاق على دعم إنشاء منصة عالمية للمقترضين تهدف إلى تعزيز التعاون الفني وبناء القدرات، على أن تتولى إحدى كيانات الأمم المتحدة مهام الأمانة العامة لها، وترمي هذه المبادرة إلى تحسين شفافية البيانات وتبادل الخبرات وتنسيق مواقف المقترضين عند التفاوض مع الدائنين المتنوعين، كما تهدف المنصة إلى تقديم دعم فني منظم للدول الإفريقية لتمكينها من إدارة ديونها بفعالية أكبر والحد من تكرار أزمات التحمل على المدى المتوسط.
وأشار رئيس جنوب أفريقيا إلى أن إنشاء هذه المنصة سيُحسّن حوكمة وتشغيل هيكل الديون العالمي، ورحب القادة بعرض جوهانسبرج استضافة الاجتماع الافتتاحي للمنصة خلال العام المقبل، وقد اعتبر المشاركون استضافة العاصمة الجنوب أفريقية إشارة إلى التزام القارة بتفعيل آليات عمل مشتركة وتقوية قنوات التشبيك مع الشركاء الدوليين والمؤسسات المالية متعددة الأطراف لتعزيز مسارات التمويل المستدام.
وأكد رامافوزا أن عبء الديون المتزايد على البلدان الإفريقية يشكل قضية تستلزم تحرك المجتمع الدولي، وقد جدّد التزامه بمتابعة توصيات لجنة خبراء إفريقيا التي أعدت تقريراً يتضمن إجراءات بسيطة ومباشرة لتسريع الاستثمار في القارة، مع العمل على توسيع نطاق هذه المقترحات داخل مجموعة العشرين وفي المحافل الدولية الأخرى بالتعاون الوثيق مع الاتحاد الإفريقي وشركاء متعددين، مع التركيز على تهيئة بيئة استثمارية مستقرة وجذب رأس المال المنتج الذي يدعم البنية التحتية والخدمات الاجتماعية.
وتظهر الأرقام أن الدين العام للقارة الإفريقية بلغ نحو 1.815 تريليون دولار في نهاية عام 2024، بينما وصلت خدمة الدين السنوية إلى 163 مليار دولار، وهو ما ترك نحو 57% من سكان القارة يعيشون في بلدان تتجاوز فيها مدفوعات الديون الإنفاق على الصحة أو التعليم، وهذه الحقائق تعكس تأثير الضغوط المالية على قدرة الحكومات على حماية النفقات الاجتماعية وتمويل الأولويات التنموية، كما تبرز الحاجة إلى حلول متكاملة تجمع بين تخفيف عبء الدين وتعزيز الشفافية المالية وجذب الاستثمارات طويلة الأجل.
تستدعي التحديات المتراصة نهجاً متعدد الأبعاد يشمل تحسين التنسيق بين الدائنين الرسميين والخاصة والمؤسسات المالية الدولية، وتبني آليات مبكرة لإدارة الأزمات، وتعزيز القدرات الوطنية للإدارة المالية والاقتصادية، وقد اتفق القادة على أن منصة المقترضين ستكون خطوة عملية نحو تحسين السياسات والمؤسسات المتعلقة بهيكل الديون العالمي، كما أكدت المناقشات على أهمية استمرار التعاون بين الاتحاد الإفريقي ومجموعة العشرين لضمان حماية الإنفاق الاجتماعي وتعزيز فرص الاستثمار المستدام في القارة.


تعليقات